نهوض مصر..

المرء ليس محاسبا على ما يقول فقط ، بل هو محاسب على ما لم يقله إذا كان لابد من أن يقوله !







24.4.11

المادة الثانية من الدستور بين الابقاء او التعديل

خلصنا في التدوينة السابقة الي اننا يجب ان نضع نصب اعيننا اولا الكليات العامة واولها - اقامة الدولة الديموقراطية المدنية - دون ان نغرق في المشكلات الجانبية او ننجر لنقاشات عقيمة او صراعات طائفية او عنصرية وذلك من خلال حوار مجتمعي حقيقي وبشيء من الصبر وسعة الصدر . وكذلك توصلنا الي ان الدولة العلمانية تعني المغالاة في المدنية والتي لا تناسب مجتمعنا المتدين بطبعه حيث توجد للقيم الدينية هيمنة كبري علي الحياة العامة بصورة لا يمكن اغفالها . كذلك سيكون من الخطا محاولة تحقيق كل طموحاتنا دفعة واحدة وهو ما سيكلفنا ضياع كثير من الوقت والوقوع في خلافات جانبية و كان منها علي سبيل المثال نسبة ال 50 % للعمال والفلاحين بمجلس الشعب او المادة الثانية من الدستور وكان لهذه الاخيرة زوبعة كبيرة عند اثارتها فهناك من هدد بالتصعيد ان مسها احد او شرع في الغائها - وهناك من طالب بحل وسط يتمثل في تعديلها من خلال حذف الالف واللام لتصبح مصدر رئيسي للتشريع بدلا من المصدر الرئيسي للتشريع - والبعض الاخر اصر علي بقائها باعتبار انها لا تتعارض مع مباديء الدولة المدنية

وهذه المادة تم صياغتها والتوقيع عليها مع دستور 1971 وتنص علي ان : الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومباديء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع
وقد ذكرنا ان تركيا اعلنت العلمانية عام 1924 رغم ان دستورها ينص علي ان الاسلام هو الدين الرسمي للدولة - كذلك فان جميع دساتير الدول العربية تقريبا تنص علي نفس صيغة مادتنا الثانية هذه - كما ان بعض الدول الاوروبية بها مواد مشابهة عن المرجعية الدينية فمثلا الدستور الاسباني ينص علي ان راس الدولة يجب ان يكون كاثوليكيا وهو المذهب الرسمي للدولة - والدستور اليوناني ينص علي ان الدين الرسمي للدولة هو المسيحية الارثوزكسية - والدستور الدنماركي والسويدي ينص علي ان الملك يجب ان يكون من اتباع الكنيسة الانجيلية اللوثرية
و كذلك عندما تم صياغة دستور الاتحاد الاوروبي الموحد الموقع عليه عام 2004 بروما نص علي المرجعية الدينية المسيحية لدول الاتحاد رغم انها كلها دول مدنية وبعضها علماني ايضا ولا يوجد بدستورها ما ينص علي تلك المرجعية
ومن هنا نخلص لعدة حقائق :

اولا : ان الابقاء علي المادة الثانية لا يعني اي تعارض مع مباديء الدولة المدنية او مباديء حقوق الانسان او القوانين الدولية ولا ينتقص من حقوق اي طائفة بالمجتمع بل هي فقط تراعي مشاعر الغالبية وتجاملها ولا تستعدي او توقع اي ضرر بطائفة اخري ولن يعود عليها بفائدة جديدة لو تم الغاءها - فعندما تنص المادة علي ان الاسلام دين الدولة هو فقط اقرار بدين الغالبية من السكان تماما مثلما نقول ان ايطاليا دولة مسيحية رغم وجود اقليات دينية اخري بها

ثانيا : عندما تنص المادة علي ان مباديء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع لا يعني انها المصدر الوحيد للتشريع اي لامانع من الاخذ من مصادر اخري كالدين المسيحي او القوانين الدولية - والشيء الاخر الجدير بالملاحظة ان هناك فارق واضح بين القول مباديء الشريعة الاسلامية والقول احكام الشريعة الاسلامية

ثالثا : وجود هذه المادة ليس معناه اقامة الدولة الدينية والتي لم يعرفها الاسلام قط طوال تاريخة ولم يسعي او يشترط اقامتها وبالتالي لن يتم فرض نمط الحياة الاسلامية علي غير المسلمين بالقوة بل سيظل - كما كان و منذ صحيفة المواطنة بالمدينة المنورة - يعطيهم الحق في تنظيم شئونهم الاجتماعية وممارسة طقوس دينهم بحرية . وهو ما يتضح من نصوص المواد الاخري بالدستور والذي يجب قراءته كجسم واحد وكتلة متماسكة فهناك مواد تشرح وتفسر مواد اخري مما تضع حدودا تمنع التمييز باي صورة من الصور بين المواطنين او تنتقص من حقوق المواطنة - فالمادة 40 مثلا من نفس الدستور تنص علي ان المواطنين لدي القانون سواء وهم متساون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين او العقيدة - ومما هو جدير بالذكر ان مباديء الانجيل هي التي تطبق في مسائل الاحوال الشخصية للاخوة المسيحين وذلك بنص القانون 462 لسنة 1955
اما ما يقوم به البعض من خلط بين الحق في بناء الكنائس وترميمها او خانة الديانة بالبطاقة الشخصية وغيرها .. فلا دخل للمادة الثانية بها وكلها امور تتبع قوانين اجراءية فرعية ولا يوجد بالدستور ما ينص عليها

رابعا : ان المرجعية الدينية بالدستور هي بمثابة الحماية للجميع من المغالاة والتطرف العلماني الذي قد يؤدي للجور علي حقوق بعض الطوائف او اعاقة ممارستهم لشعائر دينهم او طقوسه

وفي النهاية و من خلال التركيز علي اقامة الدولة الديموقراطية المدنية سناتي بمجالس شعبية منتخبة تمثلنا وبصدق وبالتالي ستخرج علينا بقوانين اجراءية ترضينا جميعا وتحقق طموحاتنا.. فلا خوف في ظل وجود الديموقراطية الحقيقية فمازلت دول عريقة ديموقراطيا تراجع وتطور من دساتيرها وقوانينها بناء علي رغبة وحاجة مواطنيها لتحقيق مزيد من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية

هناك 4 تعليقات:

  1. كلام جميل...لا خلاف عليه

    لكن هل تعتقد الاسلاميين الراديكاليين يعرفوا ده؟؟...او حتي عندهم استعداد لتقبله؟؟

    ربما الشخص الليبرالي او المسلم العادي يقبله...لكن السلفي سيرفع قول "إن الحكم الا لله"...وعندها لن تجد دولة مدنية.

    ردحذف
  2. اتذكر مافاله عبد الكريم بكار : المرء ليس محاسبا على ما يقول فقط ، بل هو محاسب علي مالم يقله إذا كان لابد من أن يقوله

    ردحذف
  3. An Excellent and insightful analysis Ya Addel. May I also add that Islamic Shareia provides full framework for Non-Muslims of other Divine faiths to legislate using their own jurisprudence, hence, Islamic Shareia, if anything, would protect the rights of religious minorities be it as it may in Egypt or elsewhere.

    Also you are absolutely correct, there is no such a thing as a religious state in Islamic doctrine. Muhammad Salla Allaho Alayhe Wa Sallam Established a civil society with the Qura as its constitution. All his Rightly-Guided Followers followed his footsteps the example of whom were Omar Ben Khattab and Omar Ben Abdul Aziz.

    ردحذف
  4. غير معرف26/4/11 18:24

    جدال الماده التانيه ده غريب والله

    لا هي هتتلغي ولا تتعدل .... ومفيش حد هيجروء يقرب منها

    وهي لا تمثل اي خطر على اي دستر او دوله مدنيه

    بوست رائع

    تحياتي

    ردحذف